سُلُوكِيَّاتٌ لِأَهْلِ الزَّمَانِ قَدْ تَبَدَّلَتْ
وَمَا كَانَتْ عَلَيْهِ حَقِيقَةٌ قَدْ تَغَيَّرَا
فَغابَتْ قيمَةٌ ومَبادِئٌ قد عُلَت
وَصَارَ الحَالُ شَيئاً وقَدْ تَحَوَّلَا
يا لَيْتَ الزَمانَ لَنَا يَعُودُ يَوماً
بِشِيمَةٍ فِيهَا الزَمانُ بِنَا عَلَا
وَكَانَ الكَبِيرُ فِينَا سَيِّدَ المَلَا
يُجَلُّ لِحِكْمَةٍ وَشَيْبٍ بِهِ عَلَا
لَهُ التَقدِيرُ في قَوْلٍ وفي فِعْلٍ
وَنَسْمَعُ نُصْحَهُ فِينَا وما من مَلَلَا
وَكَانَ الصِدقُ مَبدَأَ كُلِّ مُؤمِنٍ
يُحِبُّ الصِدقَ لا زَيْفاً ولا عَمَلَا
به خبث وبه بيننا قد غلَا
وَكَانَ القَلبُ صافِياً لِكُلِّ النَاسْ
لا يَحْمِلُ الغِلَّ فِي سِرٍّ ولا جَلَا
وَكَانَ البَيتُ مَفتوحاً لِكُلِّ ضَيْفْ
وَيَدُ المَعروفِ تُمْتَدُّ لِمَنْ سَأَلَا
نُحِبُّ الخَيْرَ نَسْعَى في مَوَاطِنِهِ
وَنَكرَهُ شَرّاً أَتى فِينَا وما جَنَيَا
ولَكِنْ مَرَّ وَقْتٌ غَيَّرَ الحَالَا
وَهَبَّتْ رِيحٌ بِالأَخلاقِ مَا أَبْقَى
وذهبت عنا وقد سلا
فَصَارَ الشَيْبُ مَهموماً بِمَجلِسِهِ
وَلا يُعطَى مِنَ التَقدِيرِ مَا كَمُلَا
وَرُبَّ صَغِيرٍ بِجَهْلٍ قَلَّلَ القَدْرَ
وَأَصْبَحَ لا يَرَى شَيْباً ولا خَجَلَا
وَنَبَتَ الكِذبُ حَتَّى صَارَ مَألُوفاً
وَبَاتَ الوَجهُ ذا وَجهَيْنِ قَدْ تَجَمَّلَا
تَرَاهُ يَبْتَسِمُ والغِلُّ فِي قَلْبٍ
وَيَطعَنُ في ظَهْرٍ مَنْ بِهِ اتَّصَلَا
مَصلَحَةُ النُفُوسِ أَصْبَحَتْ هِيَ القُصْوَى
لأَجْلِ المالِ يُنسَى الوِدُّ والأَهَلَا
تَباعَدَتِ القُلوبُ وَغابَتِ الثِقَةْ
فَصَارَ الأَمْرُ بَينَ النَاسِ مُشْتَعِلَا
فَيا أَسَفاً على قِيمٍ تَهاوَتْ
وَيا حَسْرَةً على مَا ضَاعَ وَرَحَلَا
إلى مَتَى سَنَبْقَى فِي شَتَاتٍ؟
نُجَافِي بَعْضَنَا وَالقَلبُ قَدْ ثَقُلَا
مَتى نَسْعَى لِأَخلاقٍ تُعِيدُ لَنَا
زَمَانَ الخَيْرِ والمَعروفِ والأَمَلَا؟
لِنُحيِي مَا بَنى الأَجدَادُ مِنْ قِيَمٍ
فَبِالأَخلاقِ يَعلو قَدْرُنَا وَاعْتَلَى