lundi 4 août 2025

أين هم... وأنا الآن؟

"أَمْرٌ بِالإِخْلاَءِ فِي بَعضِ مَنَاطِق الْحَيّ"
هَكَذَا جَاءَ الْخَبَرُ قُبِيْل سَاعَتَيْنِ عَشْوَائِياً كَالْقَصْفِ.
الْكَثِير حَزَمُوا أَمْتِعَتَهُمْ، بَيْنَهُمْ أفرَاد أُسْرَتِي،
نَزَحُوا، وبَقَيْتُ أنَا لأَجمَع بقَايَا الأثَاث.

خَبْرٌ عَاجِلٌ الآن:
" قَصَفُوا النَّازِحِين فِي شَارِعِ ........ "
لَمْ أَسْمَعَهُ جَيِّداً مِنْ هَوْلِ ارتِجَافِي.
خَبَرٌ عَاجِلٌ آخِر أَسْفَل الشَّاشَة: 
" أيّ جِسْم مُتْحَرِّكْ فِي الحَيّ فَهُو هَدَفٌ لِقُوَّاتِنَا."
انْطَفَأتِ الكَهْرَبَاء مَعَ آَخِر كِلْمَةٍ رَأيْتهَا.

بَقَيْتُ مَحَاصَرَاً لِسَاعَات،
قَصفٌ تِلْو آَخرْ،
هَاتِفٌ مُنْطَفِئ،
قَلْبٌ مُرتَجِفٌ كَطِفْلٍ ضَائِع،
أُسْرَةٌ... أَصْدِقَاء لا أعلَمُ مَصِيرَهمْ.
أُسَائِلُنِي بِغُصَّةٍ حَرَّى:
أَفِي الخِيَامِ هُمُ الآنَ... أَشُهَدَاء؟
أَعُودُ لأُحَدِّثُنِي: اصبِرْ يَا " أَنْتَ "، وَاحتَسِبْ،
فِي النِّهَايَةِ، لَنْ يَبْقَى إلاَّ الله.
☆☆☆

هُدُوّء حَذِرْ ...
أُحَاوِلُ أَنْ أُوَاسِينِي،
أَسْتَجمِعُ هَدِيرَ الْمَوْجِ رِثَاءً
تُسَرِّحهُ الرِّيحُ إِلَى سِيَاجِ نَوَافِذَي. 

يَا الَله ... يَا الله! 
الآنَ قَصْفٌ بِالْقُرْبِ مِنِّي تَمَامَاً،
تَتَحَطَّم نَوَافِذُ الْبَيْتِ إِثْر القَنَابِلْ،
يَسْتَشْهِد الهَدِيرُ بِحَادِثْ الزُّجَاج،
أَنْفَاسِي تُرَتِّب غُصَص الَعَزَاء دونَ جِنَازَةْ،
بَيْنَمَا الْبَحْر...
الْبَحرُ كُلّه طَامٍ فِي عيُونِي. 

هُدُوء حَذِرْ...
يَلِيهِ عُوَاء المُقَاتِلاتِ، وَقَصْفٌ مُتَقَطِّع...
أَخُذ طَرِيقِي إلَى البَابِ، غَيْر آَبِهٍ بِمَا وَرَدَ مِنْ عَاجِل. 
وَحِيدَاً... أَجلِسُ هُنَا فِي العَرَاءِ، 
يَا الَله يَا الله!
مَاذَا الآن؟ 
الرِّيحُ تَبْنِي لِي مَأْوَى مِنْ سُحُبِ الدّخَان.

أهِمُّ بِالتّسَلّلِ مِنْ الْحَيّ...
سُحُب أُخرَى تَحْجب رؤْيَتِي عَنِ الطريقِ إلَى اللاَّ طَرِيق،  
اَتّكِئُ عَلَى حَائِطٍ يُرِيدُ أنْ يَنْقَض،
وَظِلِّي... هُنَا مُتَعَمْلِقَاً أَمَامِي،
يَقُول لِي بِصَوْتٍ يَتَعَبَأ بِالصُّمُود:
عَلَى الأرضِ بَاقٍ وَإِنْ غَادَرْتَني جَسَدَا.
تَأْخُذنِي العِزَّة... الإبَاء... القُوّة لأختَار قَبْرِي،
هَاأَنَا – الآنَ – أَعُودُ مِنْ حَيْث خَرَجْتْ.

مصطفى الصميدي
اليمن

في مرفأ وطني... خزنوا لنا قنابل الموت.. في اهراءات... وعتقوا لنا الشهادة.... لسنوات..وسنوات.. ونحن..من غباء..او طيبة .... نظن..انهم.. قمحا ل...