انتظرتك كما تنتظر الأرض مطرها الأول،
كما ينتظر القلب نبضته الأولى بعد غيبوبة شوق طويلة،
كنتُ أجلس على أرصفة الوقت، أراقب عقارب الساعات وهي تتباطأ،
كأنها تتواطأ مع غيابك لتعذبني أكثر.
انتظرتك…
والليل كان يمتد حولي كوشاح أسود يثقل على كتفي،
كل نجمة فيه تهمس باسمك،
وكل نسمة هواء تحمل طيفك إليّ،
حتى القمر بدا شاحباً من طول الانتظار.
كنتُ أعدّ اللحظات واحدة تلو الأخرى،
كمن يحصي أنفاسه وهو غريق،
أتشبث بخيط الأمل أنك ستعود،
أن خطواتك ستخترق هذا الصمت،
وأن يدك ستطرق باب قلبي من جديد.
انتظرتك…
وعرفت أن الحب ليس وعداً يُكتب على الورق،
ولا كلمة عابرة تُقال على شفا ابتسامة،
بل هو صلاة صامتة يرفعها القلب في غياب الحبيب،
دمعة تختبئ في عينٍ متعبة،
وأنين يشبه الموسيقى حين يذوب في العروق.
كنتُ كلما مرّ طيفك بخاطري،
أرسم لك في خيالي طرق العودة،
أهيئ لك كرسيّاً في مقهى الذاكرة،
وأضع أمامك فنجان قهوة لم يبرد منذ رحيلك،
أحاورك في صمتي،
أسمعك دون أن تنطق،
وألمس يدك في خواء الهواء.
انتظرتك…
حتى صار الانتظار نفسه وجهاً آخر لك،
وصار غيابك وطناً أعيش فيه،
وصارت روحي تسكن المسافة بين "أحبك" التي قلتها يوماً،
و"أحبك" التي لم تجرؤ على العودة لتهمسها من جديد.
ورغم كل ذلك…
ما زلتُ أؤمن أن خطواتك تبحث عن طريقي،
أن قلبك مهما ضلّ السبيل سيجدني،
أنك، في النهاية، ستعود…
وستجدني حيث تركتني أول مرة:
على عتبة حبك،
أزرع ورد الانتظار،
وأحمل لك قلبي… دون أن يشيخ.
.و في الآخير دمتم في رعاية الله و حفظه -
.الجزائر في : 2025/08/22 -