بقلم : حميد النكادي.
يا ذات
الأثمد والصولجان
والخمار المزركش
بأبهى الألوان
أعربية أنت؟
ومن أي البلدان؟
أمن لبنان أم
من سوريا أم
من عمان ؟
أم من
بلد الزيتون
أم من
بلد الزعفران؟
من بحر الصبابة
يلطمني موج الشطآن...
أتمدين يدك
نجدة لهذا
الفؤاد الولهان؟
أم تغضي الطرف
وترمين بي
في دهاليز النسيان ...
22/08/2025 فرنسا
حميد النكادي
تحليل الخاطرة التي كتبها حميد النكادي:
التحليل الأدبي
الخاطرة هي قطعة أدبية نثرية قصيرة، تتسم بالعفوية والتركيز على فكرة أو حالة شعورية معينة، وتتميز بأسلوبها الشعري الذي يجمع بين الوصف الملموس والتعبير المجرد عن المشاعر.
المحور الأول: صورة الأنثى المهيمنة
الخاطرة تبدأ بتقديم صورة لأنثى ليست مجرد جميلة، بل هي صاحبة نفوذ وسلطة.
"ذات الأثمد والصولجان": الجمع بين "الأثمد" (الجمال) و"الصولجان" (السلطة) يبرز هذه الثنائية. هي ليست فقط جذابة للعيون، بل لها القدرة على التحكم في قلب الشاعر وعاطفته. هذا الصولجان هو صولجان القلب، وليس الحكم.
"الخمار المزركش بأبهى الألوان": الخمار هنا رمز للغموض والجاذبية. هو يستر ويظهر في آن واحد، ويضيف إلى شخصيتها هالة من الأسرار والأناقة.
المحور الثاني: تساؤلات الهوية والمنشأ
الشاعر ينتقل من وصف المظهر إلى التساؤل عن الجوهر والأصل.
"أعربية أنت؟ ومن أي البلدان؟": هذا السؤال ليس مجرد فضول، بل هو بحث عن هوية هذا الجمال الذي أربك الشاعر.
"أمن لبنان أم من سوريا أم من عمان؟ أم من بلد الزيتون أم من بلد الزعفران؟": هذه التساؤلات تخلق خارطة جغرافية للجمال العربي، وتربطه بمواطن معينة معروفة بجمال نسائها، أو برمزيات ثقافية (مثل الزيتون لفلسطين، والزعفران للمغرب أو بعض الدول العربية). هذا يوسع نطاق الشاطر، ويجعله يعبر عن الإعجاب بالجمال العربي ككل، وليس مجرد فرد.
المحور الثالث: صراع العاطفة والأمل
يصل الشاعر إلى قمة مشاعره، حيث يصف حالته بأسلوب شعري عميق.
"من بحر الصبابة يلطمني موج الشطآن": هذا التشبيه البليغ يصور الحب كبحر هائج، حيث "الصبابة" (الحب والشوق) هي البحر، و"موج الشطآن" هو المشاعر القوية التي تضرب قلب الشاعر بلا هوادة. هذا يوضح حالة الانجراف العاطفي والضعف أمام هذا الحب.
المحور الرابع: التخيير المصيري
تختتم الخاطرة بتخيير حاسم يعكس قلق الشاعر وتوقه لقرار من المحبوبة.
"أتمدين يدك نجدة لهذا الفؤاد الولهان؟ أم تغضي الطرف وترمين بي في دهاليز النسيان؟": هذا التخيير هو محور الخاطرة. يضع الشاعر مصيره بين يديها: إما الخلاص والنجدة من هذا الحب المؤلم، وإما الهلاك والنسيان.
"الفؤاد الولهان": وصف دقيق لحالة القلب الذي وصل إلى أقصى درجات الشوق واللهفة.
"دهاليز النسيان": استعارة قوية للضياع والوحدة، حيث النسيان ليس مجرد غياب، بل هو متاهة مظلمة لا نهاية لها.
الخلاصة
الخاطرة هي تعبير مكثف عن مشاعر الحب والشوق والحيرة. يستخدم الكاتب أسلوبًا شعريًا مكثفًا، مليئًا بالصور والرمزيات، ليرسم لنا قصة قصيرة عن إعجاب عميق بصورة أنثوية غامضة، تنتهي باستجداء عاطفي لمصير مجهول. إنها قطعة أدبية تعكس حساسية الشاعر وتأثره بالجمال، وتجعله يتوه في بحر من المشاعر المتضاربة.