تسلطن الفساد وعمّ وكثر روّاده وعشاقـه الأنذالُ
ولقد هيمـن المفـسدون واستحكموا وسيطر المالُ
فرخص البشر وأمسى الشّرف يباع وقلّ الرّجالُ
وهانت الأخلاق وضاعت القيم والشّيم والخصالُ
وانحطت المكارم وانتفى الإحسان وخابت الآمالُ
ففسدت النّوايـا وتلوّثت النّفوس وساءت الأعمالُ
واستوجب التّوقّي بعدما التبست الآراء والأقوالُ
فالحذر ضرورة إلى أن تـنضح الوعود والأفعالُ
وتتّضح جلّ المرامي والمقاصد وتستقرّ الأحوالُ
ألا ترى ما يفعله بنا التّدجيل والتّغرير والإحتيالُ
وهل من نجاة إذا تفاقم الغباء والغرور والضّلالُ
وانسدّ الأفق وضاق العـيش وهان الوعي والمآلُ
فلا شكّ أن يغيب التّفاؤل والحلول ويحتدّ السّؤالُ
لماذا نحن هكذا ومتى ينتهي الإنكسار والإختلالُ
ويزول اليأس والتّعاسة وينتفي الضجر والإنفعالُ
لقد عبث بنا الفساد فاختـلّ الفكر وضاع الإعتدالُ
ومزّقـتنا المقالب والإشاعات وفكّكنا القيل والقالُ
وكلّما توسّع التّسيّـب اشتعلت اللّهفة والإستعجالُ
وها نحن نتفنّن تحيّلا ولا تنقصنا الحكم والأمـثالُ
ونحسن التّذمّر والتّعلّل وفي التّضليل نحن أبطالُ
ونعشق الإنفلات ويتعبنا كثيرا الإلتزام والإمـتثالُ
نبتغي حقوقنا كاملة والواجبات مصيرها الإهمالُ
فما أحرصنا على ما نودّه والباقي سبيله الإبـتذالُ
ولا تسأل عن الصّدق والحق ولماذا عمّ الإنحلالُ
فلن تجد جوابا مقـنعا إذ هيمـن التّهويل والإنتحالُ
وغابت الحقيقة أصلا وأغلب القـيم طالها الزّوالُ
فلا عجب أن تسود البدع والإرتجال والإستغـفالُ
في مجـتمع تتهدّده المفاسد والإنحطاط والإنحلالُ
وما يحزنني أنّ المحن باتت إرثـا تتناقله الأجـيالُ
فبعض الرّذائل تشرح النّفس وينتعـش بها الخيالُ
وكأنّ التّحرر من مستـنقع الرذيلة عـيب أو محالُ
*******/ بقلم الهادي المثلوثي / تونس /*******