بعد أن احتضنت أكادميتكم الكريمة النشر الأول لهذا العمل، وكان له صدى طيب في قلوب المتابعين، أعود إليكم بنسخة موسّعة من العرض المسرحي، أضفت إليه مشاهد جديدة وتفاصيل تعمق التجربة الانسانية، آملة أن تلامس وجدانكم من جديد.
🎭 (مونودراما شعرية تشكيلية)
عرض مسرحي فردي
✍🏻 تأليف : فاطمة لغباري
عنوان العرض : "صرخـة بين الألـوان"
🎬 المشهد الأول – الافتتاح / الصدمة البصرية – تشكل الذات
(بصوت متقطع مخنوق)
على جـدار بـاهـت
هكذا عُلّـقـت ...
دون إرادة
كجسـد خـامـد
في صالـة بـاردة ... بلا حـيـاة
🎬 المشهد الثاني – انبلاج الوعي / سؤال الهوية
(انفعال متصاعد)
مـا أنـا بلوحــة
أنـا غصّـة مشـدودة
في لـون دامــع
وهـذا القمــاش ...
ليس سـوى جلـد آخــر لا يسَعــني،
يُجـمَـل قـيدي ليُبهـر العـيون،
لكن مـا يُخفـيه ... وجــع صـامـت.
🎬 المشهد الثالث – البوح / الخطاب المباشر للجمهور.
هل تـلمحـون ظلّـي خلـف الإطـار؟
صبغـوني بالأحـمـر القــاني
وعلّقـوني على جـدار بـارد
وشـوَشـوا عـني :
يـا لـهـا من فــنّ !
🎬 المشهد الرابع – الانهيار الداخلي / لهاث الهروب
(أدور حول نفسي، فجأة أتوقف)
أنـا أرتجـف، أَهــيم بالفـرار
لكن ... أنفــاسي مغلـولة
كأنني أجـر العـالم خلـفي
أركـض في داخـلي
فلا منفـذ، ولا مــأوى
سـوى ظلّـي يلاحقـني كنُـدبـة.
🎬 المشهد الخامس – تأمل الذات وسخرية الطهر الزائف.
(بصوت هادئ فيه انكسار)
أنـا عــذراء ... نعـم !
لا كمـا توهّمــتم
بل كمـا تُنبِـت الأرض في عـزّ جـفـافهـا
حـين تُنكـرهـا السـمــاء
وتكتـم أنينـهـا تحـت جلـد الغـبـار.
أنـا عــذراء ...
كمـا تنكمـش النجـمـة في حضـن الغــيم
حـين يُواسـيهـا الليـل هـامسـا :
”تـألّقـي بصمـتٍ، لا تُنيـري ...
فالطُّهـر لا يطلـب التصفـيق“
🎬 المشهد السادس – الاصطياد الصامت / فخ العيون
(أشير ببطء نحو فضاء وهمي أمامي)
تلك الأصابـع ...
أتـرونهـا ؟
لا تلمسُـني، لكنهـا ... تُلـوّح لي
كأنني غـنيمـة تُعـرض في مـزاد
كأنهـم يـرصـدون لحـظة سقـوطي
ليصوغـوا صمـتي من جـديد
🎬 المشهد السابع – خديعة النظرة / تفجير الحقيقة حول الأنوثة المسلوبة.
(أخطو، أتعثر، أنهض، ثم أصرخ)
تلك النظـرات ...
تلسعـني كشـرارة خفــيّة
تُنبَـش تحـت جلـدي
عن خطيئـة لا تشبهـني ...
عن أنـوثة ... لا تليـق بمقـاسـاتهم
🎬 المشهد الثامن – قيد التابو / اغتيال الفرح.
(أفتح ذراعي وأضحك بسخرية)
تلك التـابوهـات ...
تتربـص بي في كل ضحـكة
كل حـركـة
كل نظـرة فــرح
وتهـاجـمني
كلمـا تراقـص جـسدي على نَغــمة حـرّيتي
تلاحقـني حتى في نومـي،
تُرعـب يقظـتي
تنـدسّ في أحـلامي
🎬 المشهد التاسع – التمرد الأول / كسرالإطار
(فجأة، بصوت صارخ كصفعة)
قـالوا عـودي ... للإطـار !
”الخـروج خـيـانـة“
لكنني خـرجـت
خرجـت من نسخـة بـاهـتة ... رُسِـمـت لـي
من خـيوط طـاعـةٍ مشـتبكـة
من صمـت اُلبِـس لـي على هيئـة فضيـلة
حتى حسـبت الطـاعـة نــورا
والخـنـوع نجــاة
... لكنني استفقـت
🎬 المشهد العاشر – تحرير الجسد
(أنتزع وشاحا عن كتفي، بصوت صارخ)
كفـى ...
أنـا أنثـى كمـا أنـا ... لا كمـا تشتهـون
(بصوت منخفض)
أَهكذا تلمحـونني؟ عـاريـة؟
لكنني لسـتُ للفـرجـة ... ولا للمقـايضة
أنـا جسـدٌ فـائـر
وروح تحـيـا ... لا بخـطيئـة
بل بألـوان صارخـة
تفــور من وريـدي
🎬 المشهد الحادي عشر – الصحوة الكبرى / إدراك الذات العارية.
مـا كـنت فضيحـة...
بل صرخـة نـازفـة من كيـان نـابض
تفـاصيلي مـرئيـة ... نعـم
لكن ... حقـيقـتي؟ عـاريـة
لا تُـدرَك إلا بالحـسّ السـادس
🎬 المشهد الثاني عشر – مواجهة العيون الزائفة
(أهمس لنفسي)
أراهـم ...
يحـومـون حـولي
بعـيون مصقـولة
كعنـاكب ...
تمتصـني بنهــمٍ متـأنّـق.
🎬 المشهد الثالث عشر – الانفجار الأخير
(أحادث الجمهور)
هل تدركـون ؟
إنهـم يتـأملـونني
لا كفــنّ ...
بل كجـوع يتنكّـر في هيئـة نقــد.
🎬 المشهد الرابع عشر – إعلان الحرية / الخروج من الإطار
(بصوت منخفض ثم يتصاعد)
لستُ للعـرض، ولا للتنـاسـخ
أنـا أنثـى ... حـرّرتُ نفـسي
وتمـرّدتُ على يـد رسـمـتْني،
دون أن تسـألـني
من أكـون ؟
(بصوت صارخ)
كفــى ...
هل سمعـتموني؟
هل تـدرون صرخـتي بين الألـوان ...
دون أن تلمسـونني؟
🎬 المشهد الأخير – إعلان الحياة
(أرفع يدي للأعلى، بوجه مضيء)
كنتُ حــرّة...
مـا كنت يومــا لوحــة
واليــوم ...
لست ظـلّا لفـرشـاة عـابـرة
أنـا أنثـى
سكـبت دمـي على قمـاش أبيـض
واقتنصـت شعـاعـا من العـتمـة
لأكمـل بقــية الحكـاية
أنـا حــرة ...
كسـرتُ قفـص الصمـت
وأعـلنت الحـرب على كل قــيد
واخـترت أن أكـون ... كمـا أنـا
لا كمـا أرادوا لي أن أكـون.
