بقلم . فايل المطاعني
في زحمة الحياة وتقلّباتها، تبقى النفس البشرية عرضةً لمشاعر شتّى، بعضها نبيل وبعضها معتم، ومن أكثر تلك المشاعر فتكًا بالروح والضمير: الحسد.
الحسد ليس مجرد شعور عابر، بل هو داءٌ دفين، يولد في القلب إذا لم يُروَّ بالرضا، وينمو في الظل إذا لم يُعرَف حدّه، فيتحوّل إلى نارٍ تأكل صاحبها قبل أن تمسّ غيره. فالإنسان الحاسد، لا يسعد لنجاح غيره، ولا يرضى برزق أخيه، وكأنه يُخاصم حكمة الله في العطاء!
يقول الله تعالى في كتابه العزيز:
> "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله..."
صدق الله العظيم.
كم من علاقات تكسّرت، وقلوب تباعدت، وأُسر تفرّقت بسبب نظرة حاسد وكلمة ناقمة؟ إن الحسد لا يضرّ المحسود بقدر ما يفسد على الحاسد راحته، فهو يبقى في شقاء دائم، يتألّم كلما رأى غيره في نعمة، بدل أن يشكر الله على ما بين يديه.
الإنسان الحكيم لا يحسد، بل يحب الخير للناس كما يحبه لنفسه، لأن النعمة حين تُنسب إلى فضل الله، لا تُضايق أحدًا. وما أجمل أن ننظر للنجاح والرزق في حياة الآخرين على أنه بشارة لنا أن الله قادر أن يعطينا مثلهم أو أكثر، فقط علينا أن نحسن الظن ونسعى بصدق.
وتذكّر دائمًا:
> الحاسد عدو نفسه قبل أن يكون عدو غيره، أما الراضي فله طمأنينة لا يعرفها إلا من سلم قلبه.