"أحيانًا نكتب لأننا لا نجد مفرًّا من القلق...وأحيانًا نكتب لأننا بلغنا عتبة النشوة.
بين هذا وذاك، تتحوّل الكتابة إلى مرآة مزدوجة، تعكس ملامح الذات الملتبسة، وتشظّيها، أو لحظات صفائها المؤقت".
ليست الكتابة دائمًا ابنة الحياد، كما أنها ليست حكرًا على لحظات الانفعال أو النشوة.
أحيانًا نكتب لأن شيئًا ما يعكر سكوننا، فيتسرب إلى السطور على هيئة قلق لا يهدأ.
وأحيانًا أخرى، نكتب لأننا بلغنا شرفة الضوء، وارتفعت فينا رعشة المعنى، فتنبجس الحروف من منبع نشوة داخلية يصعب تفسيرها.
بين القلق والانتشاء، تتقلّب الذات الكاتبة، تتأمل، تئنّ، تفرح، وتبوح بما لا يُقال إلا كتابة.
فما تراه أعيننا من مشاهد مرعبة، تستفز فينا مكامن الهدوء، وتحيل السكون إلى قلق متصاعد، يفور كتابة.
لقد غزت صور العنف ـ بمختلف تجلياتها ـ يومياتنا البصرية، فأعدمت في النفس حيادها، وقوّضت طبعها الهادئ، مما جعل إعصار الحرف يتفجّر قلقًا، وتعبيرًا عن الامتعاض، والرفض، والاستنكار.
لكن، ما يخفف من وطأة هذا القلق، تلك الشحنات الدقيقة من الأمل، التي تنساب عبر أدوات التواصل، فتزرع في القلوب ومضات فرح، وتنتشي بها المشاعر.
الكتابة بهذا المعنى، ليست فقط تعبيرًا عن ردّ الفعل، بل هي أحيانًا لحظة مقاومة داخلية، أو استعادة هادئة لما يبعث الحياة في الذات من جديد.