. الأَنبارُ في ذاكِرَةِ التَّاريخ
للشاعر الدكتور ابراهيم الفايز
الشعيبي
يَا سَائِلَ الدَّهْرَ عَنْ تَاريِخِ مَاضِينَا
أَنبارُنا صَفْحَةٌ تُعْطِكَ ما فِينَا
تَارِيخُهَا مَلأَ الدُّنْيَا كَحَاضِرَةٍ
لِدَوْلَةٍ أَشْرَقَتُ فِيها مَعَانِينَا
تُخَاطِبُ الْمُزْنَةَ السَّمْحَاءَ قَائِلَةً
خَرَاجُ رَيْعِكِ مِنْ صَنْعَاءَ يَأْتِينَا
مَا غَابَتْ الشَّمْسُ في أَرْجَاءِ دَوْلَتِهَا
حَتَّى طُلَيْطِلَةُ الْخَضْرَاءُ تَعْنيِنَا
وَالصِّينُ تَشْهَدُ إنَّا جَارُهَا زَمَناً
حُدُودُنَا عِنْدَهَا كَانَتْ تُحَاذِينَا
مَدينَةٌ كَتَبَ التَّاريخُ سيرَتَها
وَأَهْلُها ذَهَبُ الدُّنْيا كَمَاضِينَا
رِجَالُها الصِّيدُ في الهَيْجاءِ قَسْوَرَةٌ
وَإِنْ أَشَرْتَ لَهُمْ جَاؤُا مُلَبّينَا
وَنَحْنُ مِنْ أَهْلِها نُعْطِيكَ ما وَجَبَتْ
فِيهِ الضِّيافَةُ تَلْقِيناً وَتَدْوِينَا
وَنَحْنُ جارُ الثُّرَيَّا في مَنازِلِنا
وَنَحْنُ صَقْرٌ إِذَا جَفَّتْ مَراعينا
وَنَحْنُ مِنْ أُمَّةٍ تَقْري لِزائِرِنا
طِيبَ المَكانِ بِمَا جادَتْ أَيادينا
وَنَحْنُ مِنْ أُمَّةٍ كَالشَّمْسِ مَطْلَعُنا
وَنَحْنُ سَيْفٌ على مَنْ كانَ يُؤْذينا
لا يَرْتَضي بِهَوانِ العَيْشِ جائِعُنا
وَلا يَقُولُ الخَنَى عَمْدَاً مُوالِينا
--- --- ---
أنْبارَنا قَدْ بَنَيْناها كَمَا وَجَبَتْ
جُوداً وَعَزْمَاً وَإِقْداماً لِتَبْنينا
كَمْ ساوَمَتْها الأَعادِي في عَراقَتِها
فَمَا انْحَنَى عُودُها يَوْمَاً لِيُخْزِينا
إِنْ زِرْتَها لَمْ تَجِدْ فيها مَواقِدَها
تَخْبو لِضَيْف فَلا تَقْري مُحِبِّينا
إِنَّا إلى سُوحِها أَدْنَى تُعانِقُنا
سِيوفُنا وَصَهيلُ الْخَيْلِ يُدْنينا
سَلْ الْغُزاةَ إِذَا قَلَّتْ شَواهِدُها
هَلْ انْثَنَيْنا وَهَلْ جَفَّتْ مَواضينا ؟
أَمْ إنَّنا بَأَكُفِّ المَوْتِ نَحْمِلُها
أَرْواحَنا ثُمَّ نُلْقِيها رَياحينا
وَقَدْ أَقِمْنا وَإِنْ هَدُّوا مَنازِلَنا
مُرابِطينَ وَتُخْفينا مَراعينا
إِنَّا خُلِقْنا شُمُوساً لا تُطاوِلُنا
هامُ الثُّرَيَّا وَلا الجَّوْزاءُ تَدْنينا
فَالعَارُ فينا إذا نادَتْ حَرَائِرُنا
فَلَمْ نُجِبْها وَمَا كُنَّا مُلَبّينا
وَالعارُ فينا إذا الْبارودُ يَقْتُلُنا
وَلَمْ تَعُد حانِياتُ الصَّدْرِ تَحْمينا
وَالعَارُ فينا إذا كانتْ مَجامِعُنا
كُلٌّ يُغَنِّي على لَيْلاهُ عُودينا
سَنَجْرَحُ الجَّرْحَ كَيْ تَبْقى مَواجِعُهُ
فَلا تَنامُ على ذُلٍّ مَآقِينا
نَحْنُ الْعِراقَ فَلا غَنَّتْ عَواذِلُنا
بالْعِيدِ يَوْمَاً ، وَلا نامَتْ أَعادينا
-------------------------------
معاني الكلمات
--------------
حَاضِرَة : عاصمة ،او مدينة كبيرة. حيث كانت الانبار عاصمة الدولة العباسية في عهد ابو العباس السفاح اول خلفاء بني العباس ، قبل بناء بغداد.
طُليطلة : عاصمة الأندلس في زمن عبد الرحمن الداخل
القَسْوَرَة / قيل الأَسَد ، وقيل الرامي
ألخَنى / فُحْشُ الكَلامِ
العَراقَةُ / ألأَصالَةُ
ألإقْراءُ / إكرامُ الضَيفِ
...............................................