حـبـيـبـتـي
حـبـيـبـتي ـ والهـوى ـ فـي القلبِ ما سَـكَـنـا
إلاّكِ أُنْـثـى سِــوى أُمـّـي ومــا وَطَــنــا
ولـيـس إلاّكِ مَـنْ هـامَ الـفـؤادُ بـهــا
وصـار مِـنْ حُـبِّـهـا فـي حُـبِّـه ضَـمِـنـا
فـأنـتِ أنـتِ الّـتـي كُـوِّنْـتِ مِـنْ ضِـلَــعــــي
لـكيْ تـكـوني لِـقـلـبي الرّوحَ والسَّـكَـنــا
كـأنَّـمـا الـلّـهُ لَـمّــا صــاغَــنــا بَــشَـــراً
ووَزَّعَ الـخَـلْـقَ قَـلْـبــانــا قَـدِ اقْـتَــرَنــا
فَـحـيـنَ نـادى مُـنـادٍ مَـنْ لِـشــاعِــرِنـــا
مِـنْـكُـنَّ عـاشِـــقـةٌ تَـهْـواهُ قُـلـتِ أَنـــا
فَـهَـبَّ قـلـبِـيَ إذْ رَنـَّــتْ بِـمَـسْـمَـعِـــهِ
أنــا و أيُّ أنــا يــا قـلـبُ هـيـتَ لَـنـا
فـقـام مِـنْ فَـوْرِهِ يَـحْــدو بـــه أَمَـــــلٌ
وصـار يَـنْـفُـضُ عـن أهْـدابِــه الـوَسَـنـا
وهَـمَّ يـمـسـحُ عـن عـيْـنَـيْـه غـاشِـــيَــةً
وهـامَ شَـطْـرَكِ مِـنْ بـيـنِ الـوَرى و دَنـا
أَغَـذَّ بـالـسَّـيْـرِ لـم يُـبْـطِـئْ وقـد سَـبَـقَـتْ
إلـيـهِ مِـنْـكِ أنـا هـيـهــاتَ مِـنْــهُ وَنـى
وأَرْهَـفَ الـسَّـمْـعَ يَـسْـتَـجْـلـيـكِ في صَخَبٍ
وجالَ بالطَّرْفِ في سَمْتِ الصَّـدى و رَنـا
يَـســوقُــهُ حَـدْسُــهُ و الـشَّــوْقُ يَـدْفَـعُـــهُ
كالرّيحِ في البحرِ يُجْري عَصْفُها السُّـفُـنـا
وهـاجِـسُ الـعِـشْـقِ فـي جَـنْـبَـيْـهِ مُـلْـتَـهِـبـاً
يَـحْـتَـثُّــهُ جـاهِــداً بَـحْـثــاً هُـنــا و هُـنــا
وحـيـنَ أَنْ وَقَـعَـتْ عـيـنـاهُ مِـنْـكِ عـلــى
أحْـلـى وأجـمــلِ مَـخْــلــوقٍ بـهِ افْـتُـتِـنـا
أنْـقـى وأطْـهَــرِ قـلـبٍ فـي سَـــرائِـرِهِ
فـلـيـس يعـرفُ لا كُـرْهـاً ولا ضَـغَـنـا
ولـيـس يـحـمـلُ فـي طَـيّــاتِــهِ دَغَـــلاً
ولـيـس يـحـسـدُ لا ســراًّ و لا عَـلَـنــا
ووَجْـهِ مُـوجِـبَـةٍ تَـسْـبـيـحَ خــالِــقِـهـــا
إذْ كـان تَـمـجـيــدُهُ – سُـبحانَـهُ - قَـمِـنـا
تـبـاركَ الـلـهُ إجـلالاً بِـمـا اتَّـصَـفَــتْ
مِـنْ فَـيْـضِ خَـلْـقٍ وأخْلاقٍ تَفيضُ غِـنـى
هــنـاك سُـــرَّ فـؤادي غِـــبَّ رُؤْيَــتِـــهِ
مَـنْ رامَ فـيـهـا مِـنَ الأوصافِ ما حَـسُنـا
فَـخَــرَّ ثَـمَّ سُـــجــوداً عــنــدَ بــارِئـِـــهِ
وســبَّـحَ الـلّــهَ حَــمْـداً خــالِـصــاً و ثَـنــا
إنّــي و أنـتِ و عَـهْــدُ الـلـهِ مِـنْ أَزَلٍ
فـي عـالَـمِ الـذَّرِّ إذْ كُـنّـا ولـيـس فَـنـا
لـقـد قُـرِنّـا بـحـبــلٍ غـيــرِ مُـنْـصَــرِمٍ
حـبـلِ الـغـرامِ و مـا أحـلى الـهـوى قَــرَنـا
أشـطانُ حـبٍّ على الـقـلـبـيـن قـد نُسِجَتْ
فـأصـبـحـا واحـداً لـم يُـحْـوَجـا شَــطَـنـا
قـلـبٌ تَـوَحَّـدَ مِـنْ قـلـبـيـن إذْ جُـمِـعـا
وقــبــلُ كـانـا أُحـاداً مُـفْـرداً و ثُـنـا
فـإنْ فَـرِحْـتِ فـإنّـي طـائــرٌ فَـرَحــاً
وإنْ حَـزِنْـتِ فـقـلـبـي ضـائـقٌ حَـزَنـا
كـذاكِ أنـتِ ، بـلـى إذْ أنـتِ بعضُ أنـا
فَـأَيّـنـا يـا تُـرى مَـنْ قـال أنـتَ عَــنـى
**********
كـأنّـنــا مُــذْ تَـلاقَـيْـنــا هــنــاكَ سَــرى
بـيـنـي وبـيـنَـكِ مِـنْ بَرْقِ الغرامِ سَــنــا
أنــارَ داجِــيَــــةً حَــفَّـــتْ بِـــأفْــئِــــدةٍ
قـبـلَ الـلِّـقـاءِ عـلى دربِ الهـوى زَمَـنـا
وكـنـتُ أخْـبِـطُ فـي ظـلـمــاءَ حـالـكَــةٍ
ومُـذْ بَـدَوْتِ مَـحَـوْتِ الـلـيــلَ والـدُّجَـنـا
وكـم دَنَـتْ مِـنْ فـؤادي كُـلُّ مـوحِـشَـــةٍ
فـآنَـسَ الـقـلـبَ مـنـكِ الــوُدُّ إذْ دَجَـنـا
فـأُجْـلِـيَـتْ عـنـه إذْ جُـلّـيـتِ وَحْـشَــتُــهُ
وزالَ مـنـه مِـنَ الآلامِ كُـلُّ ضَـنــى
فـعـاش قـلـبـيَ مُـذْ لُـقْـيـاكِ فـي دَعَــةٍ
وكـان مِـنْ قَـبْـلُ لِـلأَحـلامِ مُـرْتَـهَـنــا
أَلْـقـى هُـنـاكَ عَـصـا الـتِّـرْحالِ مِـنْ تَـعَـبٍ
وراحَ يـنـفُـضُ عـنـه الـتّـيـهَ والـحَـزَنــا
و راحَ يـعـزِفُ أنـغـامَ الـهـوى طَـرِبــاً
وكان يـعـزِفُ قـبـلَ الـمُـلْـتَـقـى شَـجِـنــا
و راحَ يـنـظِـمُ فـيـكِ الـشـعـرَ أَعْـذَبَــهُ
يَـبُـثُّ فـيـهِ مِـنَ الأشـواقِ مــا كَـمُـنــا
وأعـذبُ الشعرِ ـ هَـمْـسِ الحبِّ ـ أصْـدقُـه
مـا كـان يُـفْـصِـحُ عَـمّـا بـانَ أو بَـطَـنــا
وَقَـفْـتُ كُـرْمـى هـواكِ الـشـعـرَ أجـمـلَـه
أُوحــاهُ مـنـكِ أَمـيـنـاً فـيــهِ مُـؤْتَـمَـنــا
وثُــمّ أنـظِـمُـــه مَــزْجــاً بِـعــاطِـفَــــةٍ
يُـثـيـرُ بـركـانَـهـا قـلـبـي بِـمـا اخْـتَـزَنـا
إلـيـكِ أُرسِـــلُــه حَــمْــلاً بِـخـافِــقَـــةٍ
وَرْقـاءَ تـعـشـقُ فـي أفْـيـائِـكِ الـغُــصُـنـا
تَـطـيـرُ مُـثْـقَـلَـةً فـي خِـفَّــةٍ طَــرَبـــاً
و لـيـس تَـتْـرُكُ لا سَــهْـلاً و لا حَــزَنـا
حـتّـى إذا وَصَـلَـتْ أَلْـقَـتْ إلـيـكِ بِـــهِ
حِـمْـلِ الـقـوافـي بماءِ الـقـلـبِ قـد عُـجِـنـا
وكـلُّ قــافــيـــةٍ أبْــدعْــتُــهــــا غَــزَلاً
فـيـمـن سِـواكِ فـلا تُـلْـقــي لـهــا أُذُنـا
فـإنَّـهـا مِـنْ خَـيـالِ الـفِـكْـرِ قـد صُـنِـعَـتْ
صِـنـاعَــةَ الـمُـبْـدِعِ الـفَـنّـانِ إذْ مَـرَنـا
والـقـلـبُ في مَعْـزِلٍ عـن صُنْـعِ صـاحبِـهِ
فـإنْ تَـقَـحَّـمَ فــي إبـداعِــــه غُـبـِنـا
كـأنَّـهــا دُمْــيَـــةٌ حَـسْـــنــاءُ فـاتِـنَـــةٌ
حَـوَتْ مِـنَ الحُـسْـنِ ما أَغْـوى وما فَـتَـنـا
لـكـنَّـهــا جَـسَــدٌ لا روحَ تَـسْـــكُــنُـــه
يـا قُـبْـحَــهُ إذْ خَـلا مِــنْ روحِــه وَثَـنـا
وأنـتِ وحـدَكِ مَـنْ ألْـهَـبْـتِ قـافِـيَـتـــي
فَـجَّـرْتِ مُـلْـهِـمَـةً مـا اكْـتَـنَّ و اكْـتَـمَـنــا
أوْحَـيْـتِ لي مِـنْ مَـعـانـي الحـبِّ أبـدَعَها
أَرَيْـتِـنـي الحُـسْـنَ و اسْـتَنْطَقْتِني الحَـسَـنـا
أثْـرَيْـتِ شِـعْـرِيَ فَـازْدانَـتْ عِـبـارتُــه
و رَقَّ ديــبـــاجَــةً وَشَّــيْــتِـهـــا زِيَـنـا
فأنـتِ غـايُ رَجـائـي قد حَـظـيـتُ بــه
مـا كـنـتُ أحْـسَـبُـنـي أحْـظى بِـتـيـكَ جَنـى
مـا كـنـتُ أحـلُـمُ أنْ ألـقـاكِ فـي حُـلُـمــي
حَـتّــى لَـقـيـتُـكِ حـيـنَ الـلـهُ أنْ أَذِنـا
فـكـنـتِ لا كَـظُـنـونـي حـيـنَ يَـسْـرَحُ بي
طَـيْـفٌ مِـنَ الـوهـمِ إذْ أَسْـتَـعْـذِبُ الـظِّـنَـنـا
بـل فـوقَ مـا أَتَـشَـهّـى كـنـتِ وانْـقَطَعَـتْ
عـنّـي الـظُّـنـونُ و إنَّ الـقـلـبَ قــد يَـقِـنـا
كـم حَـلَّـقَـتْ بـيَ أحــلامٌ مُـجَــنَّــحَــةٌ
أُدْنـي بـهـا مِـنْ أماني الـنفـسِ مـا شَـطَـنـا
فـكـنـتِ فـوقَ خَـيـالـي فـي تَــوَثُّــبِــه
لـم ألْـفَ مـثـلَـكِ حـتّـى فـي الخـيـالِ مُـنـى
لـقـد أَعَـدْتِ إلـى جـسـمـي نـضـارَتَــه
لـمّـا أَزَلْـتِ شُـحـوبَ الـقـلـبِ والغَـضَـنـا
فـابْـتَـلَّ قـلـبِــيَ مِـمّــا كــان كـابَــــدَهُ
وعـادَ كـالـطـفـلِ غَــضـًّـا لَـيِّـنـاً لَــدِنـا
فـعـشـْـتُ بـالـحـبِّ لـلـحـبِّ الـذي مـلأتْ
رِيّــاه قـلـبـي و لـم تـتـركْ بــه رُكُـنـا
ولـسـتُ أخـشـى إذا مـا سـاءَنـي زَمَـنـي
إنْ كـنـتِ أنـتِ معـي صِـرفـاً ولا مِـحَـنـا
ومــا أُبـالـي جِـراحــاتٍ أُكـابــدُهــــا
مـا دُمـتِ أنـتِ لِـقـلــبي الـرّوحَ والـبَـدَنـا
لـو أنَّ حُـبّـيـكِ مَــقْــرونٌ بـــه ثــمــنٌ
لَـكـنـتُ أَدفـعُ عُــمْــري كـلَّــه ثَــمَــنـا
ومـا خَـشـيـتُ عـلـيـهِ أنْ يَـضـيـعَ سُــدىً
ومـا رُزِئْـتُ بـهِ خُـسْـراً و لا غَـبَـنـا
ومــا عَـضَـضْـتُ بـنـانــي دونَـه نـدمــاً
فـالـغُـرْمُ بـالـغُـنْـمِ لـم يَـعْـظُـمْ إذا قُـرِنـا
فـأنـتِ مِـرْآةُ روحـي بِـالـهَـوى صُـقِـلَـتْ
وأنـتِ مِــنّـي إذا مــا قُـلْـتُ أنـتِ أنـا
م . نواف عبد العزيز
أبو عبادة